.. وقد تلمح «واردها» دون «يردها» إضافة الى حتمية الورود باسم الفاعل ، إلى انسلاخ ذلك الورود عن الزمان فقد يشمل مثلث الزمان يوم الدنيا والبرزخ والقيامة ، ف (إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) مثلث الجحيم فالدنيا بشهواتها ولهواتها جحيم كما البرزخ والقيامة نتيجة لها ، ولكنما الذين اتقوا منّجون عنها ، عن بواعثها يوم الدنيا حيث يتقون موجبات النار ، وعن كوارثها في برزخها يوم البرزخ وعن نار الخلود يوم الخلود ، إذا فهنالك مثلث للورود ، مهما كان فيما سوى الأخير ورود الاجتياز لفترة قصرت كما الدنيا أم طالت كما البرزخ ، ومن ثم ورود في مختلف درجاته او دركاته بمختلف الاستحقاقات والتخلفات!
(كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) ف «ربك» وهو في أعلى درجات الربوبية يورد كلا في الجحيم الأخرى كما أوردهم في الاولى ، ثم ينجى كلا هناك كما نجي «بالتقوى» هنا ، ولكي يرى المتقون سجن المتمردين فتكون لهم حظوة ، ويرى المتمردون المتقين فتكون عليهم حسرة ، وهذه قضية الربوبية القمة (كانَ عَلى رَبِّكَ) المحتومة بما حلف : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)! فقد كتب على نفسه عموم الورود في الجحيم بربوبيته كما (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ::) (١٦ : ١٢) ومن الجمع الرحمة قضية الربوبية الجمع في الجحيم!
(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) والفترة المستفادة من «ثم» درجات حسب درجات التقوى كما سبق عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) «فأولهم» كلمح البرق ـ وهو منهم ـ وآخرهم كمشية ، وهم أخر من ينجّى مهما بقي ردحا فيها ، وإن كثيرا كالخالدين غير الآبدين فيها ، ف «ثم» تعم اللّمحة الى الخلود غير الدائب! ولكن :
(وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) قد تخرج المعذبين في النار عن المتقين وهذا هو الحق ، وبقاء الظالمين يشمل بعد المشية الى الخلود وإلى الأبد ، فلا تعني