«ثم» إلّا اللمحة الى المشية ، ثم الباقون هم الظالمون على دركاتهم! ويا ويلنا ونحن كلنا واردوها وهذا يقين ، ومن هذا الذي يخرج منها وليس إلّا شكا بعد يقين ، اللهم الّا (الَّذِينَ اتَّقَوْا) ولا تنقض اليقين بالشك بل انقضه بيقين مثله ، وكما يروى عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): «فقد علمت اني وارد النار ولا أدري كيف الصدور بعد الورود» (١).
ولقد أثرت هذه الآية في أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) أثرا بالغا يدهشهم ف «إذا التقوا يقول الرجل لصاحبه هل أتاك انك وارد؟ فيقول : نعم! فيقول : هل أتاك انك خارج؟ فيقول : لا فيقول : ففيم الضحك؟ (٢) اجل وان يقين ورود النار لا يقطعه إلا يقين التقوى المنجية عن النار ، وقد بينها الله في كتابه المبين ، ونحن كلنا ـ إلا المعصومين ـ سوف نردها ، وهل ننجوا منها؟ الله اعلم! إذ لا ندري هل تختم عاقبة أمرنا بالتقوى فنموت أتقياء ، أم دون ذلك ، فعلينا إذا
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٨٢ ـ اخرج ابو نعيم في الحلية عن عروة بن الزبير قال : لما أراد ابن رواحة الخروج الى ارض مؤتة من الشام أتاه المسلمون يودعونه فبكى فقال : اما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة لكم ولكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرء هذه الآية ... فقد علمت ...» وفيه اخرج ابن المبارك واحمد في الزاهد وابن عساكر عن بكر بن عبد الله المزني قال : لما نزلت هذه الآية ذهب عبد الله بن رواحة الى بيته فبكى فجاءت المرأة فبكت وجاءت الخادمة فبكت وجاء اهل البيت فجعلوا يبكون فلما انقطعت عبرتهم قال : يا أهلاه! ما الذي ابكاكم؟ قالوا : لا ندري ولكن رأيناك بكيت فبكينا قال : انه أنزلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) آية ينبئني فيها ربي تبارك وتعالى اني وارد النار ولم ينبئني اني صادر عنها فذاك الذي ابكاني.
(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٨٢ ـ اخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : كان اصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذا التقوا ...