ربك (قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) أن تلدي دون زوج ، ولما ذا؟ لحكم شتى .. (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) برهانا ساطعا قاطعا على القدرة الخارقة الإلهية ، وعلى صدق الرسالة العيسوية ، لهؤلاء الذين لا تكفيهم آيات مضت في الرسالة الموسوية (وَرَحْمَةً مِنَّا) عليك خاصة وعلى الناس عامة ، فهو إذا آية ورحمة ، مهما كان عليك حملا وزحمة ، فانه من الألطاف الخفية الالهية على صعوباته (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) لا يتحول بإباء ولا دعاء! فأستعدّي لهذه الآية الرحمة مهما بلغت بك الصعوبة!
هنالك تنتهي الحوار بينهما حيث استسلمت لحكم ربها في هذه الهبة الزكية ، ونرى في آل عمران حوارا بينهما وبين الله والملائكة ، فما هو التلاحم بينهما؟ :
(إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ. قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣ :) ٤٧).
تستوحش من هذا البشارة الملائكية ، وحق لها إذ لا ترى لنفسها ضجيعا ، ولم تعرض بخلدها حتى الآن قصة الزواج ، وهي عارفة أن البشارة محققة لمستقبل قريب لا تلائمة الولادة كالعادة : ان تتزوج وتلد من فوره!
وهل «الملائكة» هم «روحنا» جمعا في واحد؟ وهي هنا تحاور ربها في استعجابها أن يكون لها ولد وهناك الحوار مع «روحنا»! إنها عرض لبشارتها بالملائكة قبل ان يتمثل لها «روحنا» بشرا سويا ، تعبيدا لطريقها الى هذه المفاجات والهزات ، فأصبحت على خبرة إجمالية عن