حيضها ، حيث يقتضي الاحتجاب عنهم مكانا شرقيا تشرق عليها الشمس تخفيفا عن برودة الماء.
ولأنها كانت دائبة المقام في محرابها كما نذرت لذلك فلم تكن عند أهلها إلا أيام عذرها. فانتباذها إذا من أهلها مكانا شرقيا واتخاذها من دونهم حجابا ، ليس انعزالا في عبادتها وانما فيما يستحى منه وإلّا فلما ذا الانتباذ والحجاب والمكان الشرقي؟!.
فها هي ذي في شأنها الخاص حيث توارث حتى عن أهلها وهي عارية عن ملابسها تفاجأ مفاجأة عنيفة تهز أركانها وتفز مذعورة منتفضة لأول مرة في حياتها :
(فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)(١٧).
ها هي محتجبة عن أهلها وحتى عن أمها ، مشغولة بشأنها في غسلها. مطمئنة الى انفرادها وهي عريانة بكامل جسدها ، فإذا بشر سوي أمامها يفجأها في خلوتها وعراها رغم حجابها! فتداخلها رهبة تفجئها رغم أهبتها بما بشرت في الأولى ، إذ ترى أمامها بشرا سويا وليس هنالك سوي ولا غير سوي ليكون هو منهم ، فانها (انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) فما لها وبشرا أمامها ، إلا اختلاسا عليها إذ يحضر عندها وهي عارية في شأنها الخاص دون أهبة ولا استئذان. وكأنه من أقرب المحارم ، بل هو زوج لا يكاد يستأذن زوجه!
وترى من هو «روحنا» المتمثل (لَها بَشَراً سَوِيًّا)؟ ولماذا لم يظهر بصورته الأصلية حفاظا على اطمئنانها؟ هنا «روحنا» واهب لمريم غلاما زكيا بإذن الله نفخا فيها في فرجها ، وفي اخرى المنفوح في فرجها هو «من روحنا» :