ولابنها المسيح بآية دائبة وحياة! وهي بعد ما اهتزت بالبشارة الملائكية من قبلها.
نبذة أولى : (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا ..) ثم هزة (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا. قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا).
وهزة ثانية : (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ..).
وهزة ثالثة : «فحملته» وهنا نبذة ثانية (فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا).
وهزة رابعة : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) وهنا بشارة تخفف عنها هزاتها (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا).
ثم هزة خامسة : هي الاخيرة (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) ولكنها تسكن الى رياحة ورحمة : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ ...) (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)!.
(إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) والنبذ هو الطرح المضمّن معنى الرفض امتهانا أحيانا : (فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ) (٢٨ : ٤٠) (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) (٣ : ١٨٧) وامتحانا أخرى (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) (٣٧ :) ١٤٥) فمنه مذموم (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) (٦٨ : ٤٩) ومنه غير مذموم وان ترائى انه مذموم ، كالتكاليف النسائية الواجبة من غسل وأمثاله.
وانتباذ مريم وانطراحها مكانا شرقيا قبل تمثل الروح لها بشرا سويا وقبل حملها ، علّه لحالة خاصة بالفتات تستحي فيها من أهلها كالغسل عن