اتخاذ الحسن فيهم هو السماح عما يستحقونه من النكال رجاء الرجوع والتوبة ، والتعذيب تحقيق النكال ، وكل يتبع ظرفه الصالح ، إذا فالتخيير هنالك صالح! تخويلا قياديا صالحا لسلطة صالحة حسب المصطلحات العادلة الفاضلة.
وترى كلهم كانوا ظالمين يستحقون العذاب؟ وتقسيمهم في الجواب (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ .. وَأَمَّا مَنْ آمَنَ ..) يطارده! أم جلّهم والباقون لا يستحقون العذاب؟ فلكل حكمه ولا تخيير!
إنهم جلّهم وليس التخيير إلّا فيهم ، فلم يقل «إما أن تعذبهم» وإنما «تعذب» يعني من يستحق العذاب منهم (وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ) هم أنفسهم «حسنا».
(قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ..)(٨٧) يعني استمرارية الظلم من قبل وحتى لقاء ذي القرنين دون ان يفيق فيؤمن (١) فلا مجال له إلّا عذابه (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى ..) آمن بعد كفرة توبة عما سلف فحسن ، ام آمن من قبل واستمر في ايمانه فأحسن ، ولكلّ حسب ايمانه وعمله الصالح عدّة وعدة ومدة (جَزاءً الْحُسْنى) : أحسن مما آمن وعمل صالحا فضلا من ربك عطاء حسابا!.
والتخيير بين التعذيب واتخاذ الحسن ليس إلّا في فيمن آمن بعد ظلمه ، وقد يشمل المستمر على كفره في فرض بعيد ، اللهم إلّا في غير الواجب قتله جوازا في قتله والسماح عنه ، تخيرا عاقلا عادلا دون فوضى وكما في المحاربين والمفسدين في الأرض : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٩٨ ج ٢١٥ عن امير المؤمنين (عليه السلام) «اما من ظلم ولم يؤمن أقول : يعني لم نؤمن عند ذي القرنين بعد كفره قبله ، ولم يقل واما الظالم لكيلا يشمل الذي ظلم سابقا ثم تاب عن ظلمه فآمن.