العهد العتيق على ايمانه وصلاحه (١) كما النقوش والكتابات المخطوطة بالخط المسماري المأثورة عنه ناطقة بكونه موحدا ، وقد سار نحو المغرب فاستولى على ليديا وحواليها ثم نحى نحو المشرق حتى بلغ مطلع الشمس ووجد عندها قوما بدويين همجا ثم بنى السد المعروف بمضيق داريال بين جبال قفقاز قرب مدينة تفليس.
ولماذا يعبر عنه القرآن بذي القرنين ـ أيا كان من المذكورين ـ؟ علّه لأنه أدرك قرني الشمس شرقا وغربا (٢) وعاش قرنين وضرب على قرنيه وكان لتاجه قرنان وسخر له القرنان الليل والنهار (٣) وأيد في قرنيه بكشف من
__________________
ـ ثم سار نحو الصحراء الكبير بالمشرق حوالي بكتريا لإخماد نائرة قبائل بدوية همجية انتهضوا هناك للافساد «حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ ::» وبنى السدّ الموجود في مضيق جبال قفقاز الممتدة من بحر الخزر الى البحر الأسود ويسمى «داريال» وهذا السد واقع بين جبلين شاهقين يمتدان من جانبيه وهو وحده الفتحة الرابطة بين جانبي الجبال الجنوبي والشمالي ، وكان يهجم في تلك الاعصار أقوام شريرة من قاطني الشمال الشرقي من آسيا من مضيق جبال قفقاز الى ما يواليها من الجنوب وهجموا في حوالي المائة السابعة قبل الميلاد فعمموا البلاد قتلا وسبيا ونهبا حتى بلغوا نينوى عاصمة الآشور وكان ذلك في القرن السابق على عهد كورش تقريبا :
(١) كما في كتاب عزرا (الاصحاح ١ : ١ ـ ٤) ودانيال (الاصحاح ٦ : ٢٨) وكتاب اشعياء (الاصحاح ٤٤ : ٢٨ و ٤٥ : ١ ـ ٢٧) وقد سمي في اشعياء راعي الرب وفي (٤٥) منه «هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس امامه امما وأحقاد ملوك أحل لا فتح امامه المصراعين والأبواب لا تغلق : انا أسير قدامك والهضاب امهد اكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد اقصف : وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابي : لكي تعرف اني انا الرب الذي يدعوك باسمك : لقبتك وأنت لست تعرفني» :
(٢) نور الثقلين عن الامام العسكري (عليه السلام) انه رأى في المنام انه أخذ بقرني الشمس فعبر له بملك الشرق والغرب وسمي بذي القرنين.
(٣) نور الثقلين ٣ : ٢٩٦ ج ٢١٢ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سأل رجل عليا (عليه السلام) أرأيت ذي القرنين كيف استطاع ان بلغ الشرق والغرب؟ قال : سخر ـ