والسبب هو ما يتوصل به الى المقصود لا يشمل سبب الوحي والنبوة ، فلا يؤتى النبي سبب النبوة بل نفسها ، فانما سببها عند الله وبيد الله ، ومن ثم لو كان نبيا لكان من أبرز التعريف به تصريحة النبوة ، دون اختصاصه بالقدرات الأرضية ، فلم يك نبيا وكما في أحاديثنا (١).
وهل كان ملكا؟ قد يعنيه (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)! ولا يؤتى ملك من كل شيء سببا! فقد يكون دون النبي وفوق الملك عبدا صالحا (٢) قويا بما آتاه الله ، مؤيدا من عند الله! كمثل طالوت الملك على ضوء نبوة منفصلة!
ونعرف من الإجابات التالية حول ذي القرنين أن السؤال كان حول أفعاله الخارقة ، دون نبوته او ملكه او نسبه وبلده ، أم وإذا كان يعم ذلك كله او يخص الثاني كما هو دأب القصيصين فلم يأت الجواب حسب الحكمة إلّا المفيد المفيد الذي فيه دعوة إلهية وذكرى إيمانية!
__________________
(١) كما في الدر المنثور ٤ : ٢٤١ اخرج ابن مردوية عن سالم بن أبي الجعد قال سئل علي (عليه السلام) عن ذي القرنين أنبي هو؟ فقال : سمعت نبيكم (عليه السلام) يقول : هو عبد ناصح الله فنصحه.
(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٤١ ـ اخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن خالد بن معد ان الكلاعى ان رسول الله لا (صلّى الله عليه وآله وسلم) سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب وفيه أخرجه مثله الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير ان أحبارا من اليهود قالوا للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) حدثنا عن ذي القرنين ان كنت نبيا فقال : ...
وقد تضارب الحديث عن علي (عليه السلام) انه كان نبيا ام لا وقد نفى كونه ملكا وعله بفتح اللام ردا على من زعمه ملكا ، وهناك روايات متضاربة اخرى في نفي نبوته وإثباتها.