كَنزَهُما) وحتى إذا كان لهما مال سوى كنزهما فالفقر المجوز لأكل الولي هو الناتج عن ولايته عمليا ، ولولاها لما افتقر ثم ولو لا اقامة الجدار لم يكن هنا شغل له أجر! والرحمة الربانية تقتضي الّا يؤخذ من مال اليتيم ، وليس (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) للولي الفقير إلّا سماحا حالة الضرورة لا فرضا ، فترك الأكل (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) كما إقامة الجدار حفاظا عليه وعلى الكنز رحمة من ربك ، والاطلاع على واقع الأمر رحمة من ربك «وما فعلته من أمري» فكل ذلك كان بأمر من ربك ، يرى موسى في الخطوة الاولى إمرا وفي الثانية نكرا ، هما في الظاهر من أشد القساوة ، ثم يرى في الثالثة رحمة زائدة لحد لا يبررها موسى الرسول وهو رسول الرحمة ، كتضاد في خلق الخضر يشبه طرفي النقيض ، فكان لموسى موقفا حرجا لن يستطيع معه صبرا!
ولماذا «فأراد ربك ورحمة من ربك» ولم يقم الجدار إلّا الخضر ، لا موسى ولا ربه؟ اما الارادة فلم تكن إلّا من ربك فان بلوغهما الأشد من إرادة ربك ، وكذلك الرحمة هنا في كل زواياها ليست إلّا من ربك.
__________________
ـ والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا!
وفي تفسير العياشي عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ان الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ثم ذكر الغلامين فقال (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) الم تر ان الله شكر صلاح أبويهما لهما.
وفيه عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهما السلام) ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : ان الله ليخلف العبد الصالح بعد موته في اهله وماله وان كان اهله اهل سوء ثم قرء هذه الآية (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً).
وفي الدر المنثور اخرج ابن مردويه عن جابر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): ان الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده واهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.