اعلاما له أن تحته كنز لهما ، وامرا بإقامته حفظا لكنزهما ، وترك الأجر وجوبا في شرعة الله كأجر ، وأكلا دون اجر رحمة وفضلا!
ثم و «ربك» تعني التربية التشريعية وليس رسولها المبلغ لها إلّا موسى ، والتربية التكوينية وموسى هو امام الخضر فيما أخذ منها ، فهذه حرمة وحسن ادب من الخضر الى موسى ان قال (فَأَرادَ رَبُّكَ .. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) فانما انا الخضر ماش على ضوء التربية الإلهية المتمثلة فيك كإمام ، المتحققة عمليا بيدي كمأموم ، وان كنت لم تدره حيث الشرعة ظاهرة وتلك من الغيب ، كما لم أكن ادريه لو لا رسالتك بالشرعة الظاهرة (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)!
وقد نرى الأفعال المنسوبة الى فاعليها كلها في محالها ، فإرادة الاعابة بفعلها هي من الخضر ، لا وموسى ولا ان الله أرادها تكوينا إلا كما يريد فعل كل مختار ، وخشية الإرهاق هي شريطة الايمان لكل مطلع على ضمير الغيب ولكنما الله لا يخشى ، وارادة إبدالهما خيرا تتبع قتله وخشيتهما ، وما أراد الله الأبدال الا في ظرف هذه الإرادة ، والإبدال فعل من الله دون سواه ، كما وارادة بلوغهما أشدهما ليست إلّا من الله ..
(وَما فَعَلْتُهُ) كل ذلك (عَنْ أَمْرِي) وإنما عن أمر ربك ، فمهما غاب عنك الموضوع فالحكم نازل عليك رسولا إلي واماما علي فانا على ضوء شرعتك ، فبأمر من ربك فعلت ما فعلت : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)!
في هذه المسارح الثلاثة كانت معارضة بين الحكم الظاهر والباطن باختلاف ظاهر الموضوع وباطنه ، وقد طبق كل من موسى وخضر واجبه ، وترجى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيما يروى عنه «يرحم الله