من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له» (١)
لأنه قتل في جهات قتلات وقتلات.
آيتنا هذه تنهى عن قرب الزنا ، لا فحسب الزنا نفسها ، ترى وما هو اقتراب الزنا قبل اقترافها. ام هما واحد؟
إن قرب الزنا كقرب مال اليتيم والصلاة وأنتم سكارى المنهي عنها ، هو اقتراب معداتها ومقدماتها الموصلة بطبيعة الحال إليها ، والمعاصي حمى الله فمن حام حول الحمى أو شك أن يدخل فيها ، وهكذا الفواحش كلها : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ... وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٦ : ١٥٢ ـ ١٥٣) (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (٤ : ٤٣) فمن قرب الصلاة دخول المساجد فإنه محرم على السكران والجنب ، ومن قرب مال اليتيم استدانة ماله دون عائدة اليه ، إلا بعائدة هي احسن ، ومن قرب الزنا نظرة الى غير ذات محرم فغمزة فلمسة فقبلة ومن ثم العياذ بالله ، فالمقدمات القريبة الى الزنا حيث تحسب قربها محرمة ، كما البعيدة مكروهة كالجلوس في مجلس متأثر بحرارة غير ذات محرم ، ثم لا نجد نهيا عن أي محرم إلا اقترافه دون اقترابه ، اللهم إلا مقدمات موصلة إليه قطعيا ، واما هذه الثلاث فاقترابها محرم مطلقا حتى ظني الوصول منها لحد يعتبر النظر المتعمّد الى غير ذات محرم من الزنا وان لم يوصل اليه ، مبالغة في التحرز ، لأن الزنا تدفع إليها شهوة عنيفة فالتحرز عن المقارفة أضمن لمنع المقاربة. ولماذا هذه الحمية الشديدة؟!.
(إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) ف «إن» تؤكد و «كان» تضرب تأكيد الحرمة الى أبعد اغوار الزمن الغابر منذ بزوغ الرسالات الإلهية.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٨٠ ـ اخرج احمد وابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي (ص) ...