وفي العيون عن الرّضا عليه السّلام في كلام له : في اثبات البداء مع سليمان المروزيّ وقد كان ينكره فقال احسبُك ضاهيت اليهود في هذا الباب قال أعوذ بالله من ذلك وما قالت اليهود قال قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ يعنون انّ الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئاً الحديث.
والعيّاشي عن الصادق عليه السّلام : يعنون انّه قد فرغ ممّا هو كان غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا دعاء عليهم بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ تثنية (١) اليد إشارة إلى تقابل أسمائه سبحانه وكناية عن غاية الجود فانّ الجواد في الغاية انّما يعطي بيديه جميعاً يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ على ما يقتضيه الحكمة والصّلاح وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً على طغيانهم وكفرهم كما يزداد المريض مرضاً من تناوُل غذاء الأصحّاء
وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فكلماتهم مختلفة وقلوبهم شتّى فلا يقع بينهم موافقة (٢) كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ كلّما أرادوا محاربة غلبوا قيل كانوا في أشدّ بأس وامنع دار حتّى انّ قريشاً كانت تعتضد بهم وكان الأوس والخزرج تتكثّر بمظاهرتهم فذلّوا وقهروا وقتل النبيّ بني قريظة واجلى بني النّضير وغلب على خيبر وفدك واستأصل الله شأفتهم (٣) حتّى انّ اليوم تجد اليهود في كلّ بلدة اذلّ النّاس وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً للفساد بمخالفة أمر الله والاجتهاد في محو ذكر الرّسول من كتبهم قيل لمّا خالفوا حكم التّورية سلّط الله عليهم بخت نصّر ثمّ أفسدوا فسلّط عليهم فطرس الرّومي ثمّ أفسدوا فسلّط عليهم المجوس ثمّ أفسدوا فسلّط عليهم
__________________
(١) ويمكن أن يكون المراد نعمة ويكون الوجه في تثنية النّعمة انه أراد نعم الدّنيا ونعم الآخرة لأنّ الكلّ وان كانت نعم الله فمن حيث أخصّ كلّ منهما بصفة تخالف صفة الآخر كأنهما جنسان ويمكن أن يكون تثنية النعمة انّه أريد بهما النعم الظاهرة والباطنة كما قال الله وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وقيل انّ المراد باليد القوّة والقدرة عن الحسن ومعناه قوتاه بالثواب والعقاب مبسوطتان بخلاف قول اليهود ان يده مقبوضة عن عذابنا.
(٢) وفي هذا دلالة معجزة لأنّ الله أخبرهم فوافق خبره المخبر فقد كانت اليهود أشدّ أهل الحجاز بأساً وامنعهم داراً الى آخر ما ذكره في مجمع البيان وأورد خلاصته في هذا الكتاب
(٣) الشأفة قرحة تخرج في أصل القدم فيكوى فتذهب وإذا قطعت مات صاحبها والأصل واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه ازاله من أصله.