(٦٣) لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ علماؤهم عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ كالكذب وكلمة الشّرك مثل عزيز بن الله وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ قيل لو لا إذا دخل على الماضي أفاد التّوبيخ وإذا دخل على المستقبل أفاد التّخْصيص لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ ذمَّهم بأبلغ من ذمّ مرتكبي الكبائر لأنّ كل عامل لا يسمّي صانعاً حتّى يتمكّن من عمله ويتمهّر والوجه فيه انّ ترك الحسنة أقبح من مواقعة المعصية لأنّ النفس تلتذّ بالمعصية وتميل اليها ولا كذلك ترك الإِنكار عليها عن ابن عبّاس هي أشدّ آية في القرآن.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في خطبة له : انّما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الرّبانيّون والأحبار عن ذلك وانّهم لمّا تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربّانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر الحديث.
وفي كلام آخر له في حديث رواه ابن شعبة في تحف العقول قال : اعتبروا أيّها النّاس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار يقول لو لا ينهاهم الربّانيّون والأحبار عن قولهم الإِثم وقال لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ إلى قوله لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ وقد مضى اخبار اخر في ذلك في سورة آل عمران عند قوله تعالى وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ.
(٦٤) وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ قيل غلّ (١) اليد كناية عن البخل وبسطها عن الجود.
والقمّيّ قال قالوا قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدّره في التّقدير الأوّل فردّ الله عليهم فقال بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أي يقدّم ويؤخّر ويزيد وينقص وله البداء والمشيّة.
وفي التّوحيد عن الصّادق عليه السلام : في هذه الآية لم يعنوا انّه هكذا ولكنّهم قالوا قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص قال الله جلّ جلاله تكذيباً لقولهم غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ا لم تسمع الله تعالى يقول يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.
__________________
(١) غلّ فلاناً من باب منع ادخل عليه الغلّ وهو معروف والمصدر غلّ بفتح الفاء أو غلول كقعود.