مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ إنّما خصّهم بالذكر مع عموم الموعظة لأنّهم اختصوا بالانتفاع به.
(٤٧) وَلْيَحْكُمْ وقرء بكسر اللّام وفتح الميم أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١)
(٤٨) وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ أي القرآن مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ من جنس الكتُب المنزلة وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ورقيباً على سائر الكتب يحفظه عن التغيير ويشهد له بالصحة والثبات فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ أي أنزل إليك وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ بالانحراف عنه الى ما يشتهونه لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ أيّها النَّاس شِرْعَةً شريعةً وهي الطريقة الى الماء شبه بها الدين لأنّه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبدية وَمِنْهاجاً وطريقاً واضحاً من نَهَج الأمر إذا أوضح ، في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث : فلما استجاب لكل نبي ما استجاب له من قومه من المؤمنين جعلنا لكل منهم شِرْعَةً وَمِنْهاجاً والشرعة والمنهاج سبيل وسنّة وأمر كلّ نبيّ بالأخذ بالسّبيل والسنّة وكان من السّبيل والسنّة التي أمر الله بها موسى أن جعل عليهم السّبت وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً جماعة متفقة عَلَى دين واحد وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ من الشرائع المختلفة المناسبة لكل عصر وقرن هل تعملون بها مصدقين بوجود الحكمة في اختلافها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ فابتدروها انتهازاً (٢) للفرصة وحيازةً لقصب السّبق والتقدّم إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وعد ووعيد للمبادرين والمقصرين فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ بالجزاءِ الفاصل بين المحق والمبطل والمبادر والمقصر.
(٤٩) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ قيل عطف على الْكِتابَ أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم أو على الْحَقِ أي أنزلناه بالحق وبأن أحكم ويجوز الاستيناف بتقدير وأمرنا أن أحكم.
__________________
(١) قيل أنّ الأول في الجاحد والثاني والثالث في المقرّ التّارك.
(٢) النّهزة بالضمّ الفرصة وانتهزتها اغتنمتها ونهز نهزاً من باب نفع نهض لتناول شيء وانتهز الفرصة بادر وقتها.