فلا ترضوا به فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله إنّ هؤلاءِ القوم قريظة والنّضير قد كتبوا بينهم كتاباً وعهداً وثيقاً تراضوا به والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض كتابهم وشرطهم فانّ النّضير لهم القوّة والسّلاح والكراع (١) ونحن نخاف الدّوائر فاغتم رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم من ذلك ولم يجبه بشيء فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات قال يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يعني عبد الله بن ابيّ وبني النّضير وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يعني عبد الله قال لبني النّضير لم يحكم بما تريدونه فلا تقبلوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ اختباره ليفضح فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً فلن تستطيع له من الله شيئاً في دفعها أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ من العقوبات المرتّبة على الكفر كالختم والطّبع والضّيق لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ هوان بالزام الجزية على اليهود واجلاءِ بني النّضير منهم وإظهار كذبهم في كتمان الحقّ وظهور كفر المنافقين وخوفهم جميعاً من المؤمنين وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ وهو الخلود في النار.
(٤٢) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ كرّره للتأكيد أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ أي الحرام من سَحَتَه إذا استأصله لأنّه مسحوت البركة وقرئ بضمّتين.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن السُّحْتَ فقال الرّشا في الحكم.
وعنه عليه السلام : السُّحْتَ ثمن الميتَة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرّشوة وأجر الكاهن وفي رواية ثمن الكلب الذي لا يصيد.
وعن الباقر عليه السلام : كل شيء غلّ من الإِمام فهو سحت وأكل مال اليتيم وشبهه سحت والسُّحْتَ أنواع كثيرة منها أجور الفواجر وثمن الخمر والنّبيذ المسكر والرّبا بعد البيّنة وأمّا الرّشا في الحكم فانّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن قاض بين فريقين يأخذ من السّلطان على القضاء الرّزق قال ذلك السُّحْتَ وفي العيون عن أمير المؤمنين عليه
__________________
(١) الكراع اسم لجماعة الخيل خاصّة قوله تعالى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ أي من دوائر الزّمان أعني صروفه التي تدور وتحيط بالإِنسان مرّة بخير ومرّة بشرّ.