عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (٤٨ : ١٨).
ثم هنا ـ ولمرة يتيمة ـ نجد اختصاص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسكينة ، ومعه صاحبه الحزين في الغار ، وهو أحوج إلى السكينة ، وقد ذكر معه مرات ثلاث ، فسكينة المؤمنين ليزدادوا إيمانا على إيمانهم إكراما لإيمانهم بجدارته ، وسكينة الرسول ليزداد عصمة على عصمته إكراما لطمأنته ، وأما صاحبه في الغار فلا سكينة تنزل عليه لا رسوليا ولا إيمانيا إذ لم تكن له سكينة إيمانية تربطه عن حزنه الحزين المهتاج ، المحتاج إلى ذلك النهي المكين.
فهنا التساءل ، لما ذا لم تشمله السكينة النازلة على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المحتاج في حزنه إليها دون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إنه لزعزته هو دون الرسول الذي نهاه عنها وطمأنه. ألأنه ـ على حزنه ـ لا يحتاج إلى السكينة والرسول على طمأنته يحتاجها؟ فهو ـ إذا ـ أغنى من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على حاجته إليها!.
أم هو كما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى مستواه في الحاجة إليها؟ فلما ذا لم تشمله معه!.
أم هو دون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو طبيعة الحال لكل من هو مع الرسول ـ؟ فإذا كان مؤمنا ما كنا فلتشمله السكينة كما شملت سائر المؤمنين مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)! وما قولة القائل إنما السكينة نزلت على أبي بكر حيث كان يحتاجها دون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ لم يكن يحتاجها ، ما هي إلا غائلة مائلة على قول الله : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ولم يكن يحتاجها إلا «المؤمنين» ثم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على رسالته هو بحاجة إلى سكينته الرسولية طول حياته ، ثم وما هو الفارق بين مسرح الغار والحديبية حيث هما خطران على الطرفين ، والغار أخطر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلتنزل عليه السكينة فيها بأحرى وأجدر ، وإذ لا جدارة لصاحبه في الغار ، وكانت للمؤمنين في حنين وفتح