وهي النصرة الربانية البارزة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حصيلة للمواقف الثلاثة الأولى ، وهي قلب مسبّع النصرة ومن حصائلها المخلفة عنها بعد ما هي مخلفة عن الثلاثة الأولى ثلاثة أخرى هي (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا).
فقد أيده في مواقف عدة بجنود لم تروها ، إذ أخرجه الذين كفروا إذ هما في النار ، وإذ يقول لصاحبه لا تحزن ، وإذ دخل المدينة حيث أيده في حروب كبدر وحنين وما أشبه ، ثم (جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) مهما حاولوا أن يجعلوه العليا ، وكلمة الله هي العليا ، مهما حاولوا أن يجعلوه السفلى ، وهنا كلمة الله هي كلمة الرسالة القدسية المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) الحاملة لكلمات الله التامة الطامة.
فترى بعد أن نصرة من هذه السبع فضلا عن قلب النصرة وعمادها تختص بصاحبه في الغار؟ ولا شأن له إلّا شائن الحزن الخطر على صاحب الرسالة لحد اعتبر نهيه عنه بما نهاه الله إلى تخفيفه عن حزنه نصرة له في حق (نَصَرَهُ اللهُ) فالنصرة الربانية الخفية يظاهر الحال في العهد المكي أخذت تنمو وتظهر زاهرة باهرة منذ هجرته (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن توفاه الله وإلى يوم القيامة الكبرى.
إذا فرجوع ضمير الغائب في «عليه» إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) مقطوع أدبيا ومعنويا من جهات عدة لا ينكرها ولا واحدة منها إلا معاند متعصب يريد ليحمل رأيه مذهبيا على نص القرآن!.
ذلك ثم في الفتح (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٢٦) وذلك حيث (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (٤٨ : ١٨).
وقد يفرد المؤمنون بالسكينة حيث يفردون عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكرا ، وهم معه إيمانا ، (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) وهي لا تليق بساحة الرسول : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (٤٨ : ٤) ـ (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ