منه التلطف معهم على حائطة ، وتأليف قلوبهم لكي يتحوّلوا عن إقرارهم باللسان إلى إقرارهم بالجنان إيمانا يدخلهم في حقل المؤمنين.
كما ومنه ـ إذا لزم الأمر ـ قتالهم وكما قاتلهم علي (عليه السلام) فجهاد علي (عليه السلام) جهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (١).
إذا فجهاد الكفار هو حملهم بالحكمة والموعظة الحسنة إلى إقرار الإيمان ثم إلى قراره ، وإلّا فالقتال ، ثم جهاد المنافقين هو إلزامهم على ما أقروا به ، ثم التزامهم بواقع الإيمان وإلّا فالقتال.
فلا يعني «جاهد» إلّا المجاهدة بمختلف درجاتها ، مهما لا يصل في المنافقين إلى قتال إلّا في حالات قلال ، ف «لما نزلت (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجاهد بيده ، فإن لم يستطع فبقلبه ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فليلقه بوجه مكفهر (٢).
فهنا (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) مرحلة أخيرة حاسمة بين مرحليات الدعوة في خطوات المجاهدة ، وقتالهم إن لزم الأمر مطوي في (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ).
ذلك ، ف «جاهد» الشامل للقتال في آخر المجال ، (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) الدال على غلظهم في الجهاد ، هما دليلان اثنان على أن «جاهد» لا يختص بالقتال ، إذ لا دور ل «أغلظ» بعد «جاهد» إن عني به القتال ، ولا غلظ أغلظ من القتال.
__________________
(١) المصدر عن تفسير القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) قال : هكذا نزلت فجاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكفار وجاهد علي (عليه السلام) المنافقين فجهاد علي .. وفيه عن أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلى ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لأجاهدن العمالقة يعني الكفار وأتاه جبرئيل (عليه السلام) قال : أنت أو علي.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٢٥٨ ـ أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال لما نزلت ..