غير خلفاء : (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ)(٣ : ٤٢) أم في حقل الملكية غير الرسالية : (قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (٢ : ٢٤٧) ، وهكذا الاجتباء : (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) (٣ : ١٧٩) ككل ، وفي إبراهيم : (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٦ : ١٢١) وفي آدم : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (٢٠ : ١٢٢) وفي يونس (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٦٨ : ٥٠) وفي يوسف : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) (١٢ : ٦) ، وفي الرسل الإبراهيميين : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦ : ٨٧) وعلى أية حال ف (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (٤٢ : ١٣).
وكلّ من الاصطفاء والاجتباء يعني طلب الأصفى والأجبى ، فلا بد من صفاء أصفى وجباء أجبى حتى يصطفي الله ويجتبي.
وترى كيف يصطفي ويجتبي مثل يحيى الذي (آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) إنه يصطفيه لما يعلم أنه سوف يقوم بصالح الجدارة لبلاغ الرسالة ، فهو الذي يصنع الرسل لحمل أمانات وحيه وبلاغ رسالاته بما يعلم فيهم من جدارات سابغة ، سابقة أو لاحقة.
فقد قال في موسى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي ... وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (٢٠ : ٣٩ و ٤١).
فقد صنعه الله علي عينه منذ حمله وولاده ورضاعه ليأهل لحمل رسالته ، (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) بما جاهدت واجتهدت وجرّبت وجرّبت (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) هكذا ، بين جهاد منك وتأييد من ربك.
فرسل الله (عليهم السلام) هم صنائع الله ولكن دون فوضى جزاف وترجيح دون مرجح ، فقد يحملهم من تكاليف الدعوة ومشاق الدعاية ما يصلح لمحتدهم الرسالي.
والقول أن صناعتهم من الله هي التي تقدمهم على من سواهم ، فما