كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) ـ (.. فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) وذلك من أخسر الخسران : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٣٩ : ١٥).
(خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ).
«أنفسهم» هنا هي حق «أنفسهم» وهي فطرهم ، وعقولهم التي عليها أن تتبنى فطرهم ، وحواسهم التي هي بطبيعة الحال تتبع عقولهم وفطرهم.
فالخاسر نفسه هو الذي ضل عنها متغافلا متجاهلا ، فهو ـ إذا ـ خاسر ربه ، فإن
«من عرف نفسه فقد عرف ربه» وخاسر ـ كذلك ـ حياته الإنسانية التي خلق لأجلها ، فقد وجد نفسه حيوانا سرشا حرصا على الحيونات والشهوات ، فهو منغمس فيها ، تارك ما تعنيه الفطرة والعقلية السليمة من عنايات إنسانية على ضوء عنايات ربانية.
أجل فالخاسر نفسه خاسر كل موازين الإنسانية عن بكرتها ، والواجد نفسه واجد لموازينها في مجالتها الواسعة الفاسحة ، فاحصة عما يجعلها وزينة متينة ، فخسران النفس هو أساس كل خسران ووجدانها هو أساس كل وجدان.
ذلك ، فلنجدّ المسير إلى مصير الحق ليكون لنا وزنا وإني أحذركم ونفسي هذه المنزلة ، فلينتفع امرء بنفسه ، فإنما البصير من سمع فتفكر ، ونظر فأبصر ، وانتفع بالعبر ، ثم سلك جددا واضحا يتجنب فيه الصرعة في المهاوي ، والضلال في المغاوي ، ولا يعين على نفسه الغواة بتعسّف في حق ، أو تحريف في نطق ، أو تخوف من صدق ـ فأفق أيها السامع من سكرتك ، واستيقظ من غفلتك ، واختصر من عجلتك ، وأنعم الفكر فيما جاءك على لسان النبي الأمي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما لا بد منه ، ولا محيص عنه ، وخالف من خالف ذلك إلى غيره ، ودعه وما رضي لنفسه ، وضع فخرك ، واحطط كبرك ، واذكر