التارك لها كلها هو المصداق الصادق ل (ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ).
ذلك ، ولا يخلو أحد من عهد الفطرة مهما كان خلوا من العقل ، كما لا يخلو أحد من المكلفين من عهد الشرعة مهما كان زمن الفترة.
فالصراط الوحيد إلى الله هو مثلث العهد فطريا وعقليا وشرعيا ، فإن وسيط العقل بين الفطرة والشرعة هو صالح العقل والفطرة والشرعة.
كما أن الوهيد الوهيد هو ترك ذلك المثلث بأسره ف «لم نجد له عهدا» حيث لا منفذ ـ إذا ـ له إلى الهدى.
ومن ثم نجد راحلة ـ مهما كانت مائلة ماحلة ـ في العوان بينهما ، فالواجد لبعض منها التارك لبعض قد ينجو وينجح بما هو واجده ، فالفطرة تدعوا إلى العقلية الصالحة وصالح الشرعة ، كما الشرعة تدعوا إلى الفطرة والعقلية الصالحة ، والعقل الصالح يدعو إلى الفطرة والشرعة.
ذلك ، والفسق عن الفطرة يخلّف الفسق عن العقلية ، كما الفسق عن العقلية يفسق عن الشرعة ، وهكذا الفسق عن الشرعة يفسق عن الآخرين ، وكوجه عام وضابطة ، يخلف الفسق عن كلّ من هذه الثلاث فسقا عن الآخرين.
كما وأن صفاوة كلّ وحفاوته تؤثر في الآخرين ، فهي تتجاوب ـ دوما ـ سلبيا وإيجابيا في تعامل دائب.
لذلك نرى آية الفطرة تتبناها كأصل للدين ، وآيات العقل تجعله كوسيط بين الأنفس والآفاق ، والشرعة الربانية تتبنى الفطرة كأصل والعقل وسيطا بين الأصلين.
ذلك ، ف «من عهد» المستأصلة كل عهد ، لا تناسب إلّا المكذبين بآيات الله طول التاريخ ، فإن أكثرهم ليس لهم عهد ، ولأقلهم عهد هو لأقل تقدير عهد الفطرة أو العقلية الإنسانية ، فقد يرجى اهتداءهم يوما ما إلى الحق.
فلا تعني «أكثرهم» كل المكلفين ، ولا المكذبين المطبوع على قلوبهم ، حيث الأكثرية من المكلفين قاصرون أم مقصرون دون تكذيب على علم وعهد ، أم ومهما كان عن علم وعمد فليس يطبع على قلوب