أكثرهم ، بل هم القلة العنيدة العتيدة في التكذيب.
ولا المطبوع على قلوبهم لأنهم كلهم ليس لهم أي عهد ، إنما هم مجموعة المكذبين ، فإن أكثرهم ليس لهم «من عهد».
فسلبية العهد المستغرقة كل عهد تجعلهم كأن لا عهد لهم من أصله ، بل هم أدنى ممن لم يخلق له عهد إذ يعارضون كل أحكام الفطرة والعقل والشرعة.
ثم (إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ) المختوم على قلوبهم «لفاسقين» متخلفين عن هذه العهود الثلاثة إلى أضدادها ، ف «إن وجدنا ..» هي كتفسير ل «ما وجدنا» تثبيتا لأصل العهود الثلاثة لهم ، ولكنهم عنها فاسقون متخلفون ، ولم يقل «كافرون» لأن كل المكذبين بآيات الله كافرون وإنما «لفاسقون» عناية إلى خروجهم عن هذه العهود.
ذلك ، وكما أن الشيطنات سبع دركات ، كذلك الرحمات سبع درجات ، وكما الشيطان الأكبر هو الجامع لثالوث : الشيطان ـ البقر ـ النمر ، كذلك الإنسان الأكبر هو الذي يجمع بين هذه العهود الثلاثة ، تاركا لثالوث الشيطنات.
ذلك ، ومن الآيات المحلقة على كل العهود : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٠) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(٢ : ٤٠) (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(٤٨ : ١٠).
ومن الخاصة بعهد الفطرة آيتا الذر والفطرة ، ومن عهد الشرعة الأصيلة : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢ : ١٢٥) (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢٠ : ١١٥).
ومن عهدنا فرعيا ما نعاهد ربنا أو يعاهد بعضنا بعضا : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) (١٦ : ٩١) (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) (٢ : ١٧٧).
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ