وأصحاب الجنة والنار :
«وبينهما» بين الجنة والنار ، أو بين أصحاب الجنة والنار وهو الأظهر قضية ذكرهم من ذي قبل أم هما معنيان معا.
(وَبَيْنَهُما حِجابٌ) عله سور له باب : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ. يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ ...) (٥٧ : ١٤).
ف «الأعراف» هي أعراف الحجاب بينهما ، والحجاب هو السور المضروب بينهما ، وهو بطبيعة الحال باطنه ـ وهو جانب أصحاب الجنة ـ فيه الرحمة ، وظاهره ـ وهو جانب أصحاب النار ـ من قبله العذاب.
وهنا بجانبي السور الحجاب حوار بين أهل الجنة والنار ، وحوار لرجال الأعراف مع الفريقين بتقرير المصير بعد بيان المسير.
«ونادوا» رجال الأعراف (أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) سلاما قبل دخول الجنة إذ (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) : أن يدخلوها.
وترى كيف (هُمْ يَطْمَعُونَ) دون «يوقنون» وهم (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) حسب النص؟
إنهم (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) حيث هم مسيرهم الجنة بعد عفو الله وغفره وبمنه وحنانه ، ف (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) بشارة لهم من رب العزة ولمّا يدخلوها ، أم ولمّا يعلموا أنهم من أصحابها ، فلأنهم درجات حسب درجات إيمانهم وعمل الصالحات ، فالحالة الهالة العامة لهم هي (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) رجاء تكفير سيئاتهم دون عذاب ، وحتى إذا بشروا بالجنة وهم يعلمون ، فهم ـ بعد ـ بين الخوف والرجاء ، خوف من قصورات لهم