(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣٩) :
هؤلاء الأنكاد هم «صم» عن سمع الحق والهدى «وبكم» عن التصديق به وبلاغه إذ لا يتكلمون بخير ، عائشين (فِي الظُّلُماتِ) عن كافة منافذ الإدراك إنسانيا ، منبوذين في كلّ منابذ اللاإدراك ، ثالوث من عوامل التكذيب بآياتنا اختلقوها فغرقوا (فِي الظُّلُماتِ) التائهة بما قدموها (١).
وضابطة النجدين الربانيين أنه (مَنْ يَشَأِ اللهُ) ضلاله بما ضل جزاء له هنا «يضلله» ختما على قلبه (وَمَنْ يَشَأْ) هداه بما اهتدى يزيده هدى ويبقيه فيما يبتغيه من هداه حيث (يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) كلّا حسب سعيه في ضلاله وهداه واستقامته ورداه ، أجل (يُضْلِلْهُ) ـ (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) و (يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ف (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
وهنا (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وجاه (صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ) هو سمع الحق ولسان الحق في جو من النور خليص عن أية ظلمة.
وهنا (فِي الظُّلُماتِ) تحليق لعوامل الضلال عليهم بما حلّقوها ك (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (٣٦ : ٩) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا
__________________
ـ في عيون الأخبار بإسناده إلى عبد العزيز بن مسلم عن أبي الحسن الرضا (ع) قال يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله لم يقبض نبيه (ص) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن وفيه تفصيل كلّ شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا فقال عزّ وجلّ : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ).
(١) المصدر ٧١٦ عن تفسير القمي عن أبي جعفر عليهما السلام في الآية يقول : «صم عن الهدى وبكم لا يتكلمون بخير في الظلمات يعني ظلمات الكفر ...».