اختلفت درجاته حسب المعطيات ، مهما كان قبيل الإنسان في أعلى القيّم والقمم في كتابي التكوين والتشريع.
والنتيجة القاطعة عموم الحشر إلى ربهم ليلاقوا ربوبية الجزاء بعد ربوبية التكليف ، إذ لو لم تأتهم ربوبية الجزاء مع طليق الربوبية الفاضلة العادلة لكان نقصا فيها ونقضا لقضيتها.
وذلك قضية (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) كما هو قضية كامل الربوبية لكلّ شيء ، فهي تعرف ربها كما يعرفه الإنسان ، وتعرف الحشر كما يعرفه ، فإن الجهل بالمعاد كما الجهل بالمبدء يزيل التكليف.
والقول إن محللة الدواب والطير غير الظالمة ولا المظلومة ـ إذا ـ لا تحشر إذ لا ظلامة في هذا البين ، مردود بأن للذبيحة منها لصالح الإنسان ثواب كما الشهداء في سبيل الله ، ثم الصالحة من أعمالها لا بد وأن تجازى جزاء وفاقا.
ولأن تكليف الحيوان خفيف فجزاءها كذلك خفيف مادة ومدة فلا بقاء لها في جنة أو نار ، بل لا جنة لها ولا نار ، فانما جزاء وفاق قضية عدله تعالى وفضله.
ذلك! و (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ) أيّا كان ومن أبرزه كحجة بالغة القرآن «من شيء» من هدى إلّا بيناه ، فالدين كامل كما التكوين كامل : «أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم انزل الله دينا تاما فقصر الرسول (ص) عن تبليغه وأداءه والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وفيه «تبيان كل شيء» (١).
__________________
(١) المصدر في نهج البلاغة في ذم اختلاف العلماء في الفتيا : ام انزل الله ...» وفيه ـ