فالفتح الموعود في التالية «أن يأتي بالفتح» هو فتح مكة حيث يستأصل كل دوائر السوء عن الكتلة المؤمنة الفاتحة للعاصمة ، المستسلمة معهم جموع الكفار المعارضين.
إذا فهذه الآيات الأربع هي متصلة الأجزاء مع بعضها البعض ، منقطعة عما احتفت بها من قبل ومن بعد ، جعلت في التأليف هنا لهامة تقتصيه وكما في سائر التأليف القرآني.
ومن هذه الهامة صالح الصرخة الأخيرة القرآنية قرب ارتحال الرسول (ص) إلى جوار رحمة ربه ، حيث تحذر المسلمين عن بأس اليهود والنصارى وبؤسهم ، وعدا لفتح أو أمر من عنده ليسا ليختصا بفتح مكة مهما كان هو الأول ، بل وهناك فتوح متواترة للمسلمين ما قاموا بشرائط الإيمان دون خشية عن الدوائر كيفما كانت.
فهنا (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى) تحمل صارم التحذير عن اتخاذهم أولياء كضابطة تحلّق على الطول التأريخي والعرض الجغرافي الإسلامي إلى يوم الدين.
والولاية المنهي عنها طليقة كأصل ، تشمل ولاية السلطة وولاية التناصر والتحالف وولاية الحب ، اللهم إلّا ما يستثنى من ولاية دون الحب والسلطة عند التقية : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) قدر قضية التقية في دوران الأمر بين الأهم والمهم ، أم مع غير المحاربين منهم في ولاية لها جاذبية التوجيه إلى إيمانهم أم صد العداء المتطرف الجارف ف (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ