على أصحابها بالكفر والفسق والظلم ، ثالوث منحوس يتبنى الحكم بغير ما أنزل الله!.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٥١) :
هنا نقف متسائلين أمام هذه والثلاث التالية لها ، هل إنها نزلت في حجة الوداع كسائر المائدة؟ و «أن يأتي بالفتح» في التالية قد لا تناسبه حيث «الفتح» هو فتح مكة ولم يكن بعد فتح حتى يترجى! كما وأن شطرا مما ورد في أسباب النزول ينحي نزول هذه الأربع عن حجة الوداع إلى بداية العهد المدني حيث الحروب الأولية كبدر وأحد وما أشبه!.
ذلك ، وكما أن «نخشى أن تصيبنا دائرة» لا تناسب بعد الفتح وقد اضمحلت كل الدوائر المتربصة بالمسلمين واكتسحت كل العراقيل.
فقد لا تتصل هذه الأربع ـ كآية التبليغ ـ نزولا مع السابقة عليها واللاحقة بها ، فآية التبليغ نازلة قبل آية إكمال الدين وإتمام النعمة ونراها بعدها بعشرات ، مما يدل على اختلاف ترتيب التأليف في المائدة ترتيب تنزيلها ، ولكنه لا ينصدم به أن المائدة هي آخر ما نزلت ، ناسخة غير منسوخة ، حيث القصد الأصيل هنا إلى خصوص الآيات الأحكامية ، ولكن «لا تتخذوا ..» كذلك من الأحكامية ، أو يقال : إن المائدة برمتها الأحكامية ناسخة فيما خالفت غيرها ، غير منسوخة بغيرها ، حتى في آياتها التي نزلت قبل حجة الوداع.
وعلى أية حال فالأصل الدلالي بالنسبة لكيان الآيات هو الآيات أنفسها دون شؤون نزولها المتعارضة مع بعضها البعض أحيانا ، وانها من باب الجري والتطبيق أخرى.