الجماعية بملابساتها الأخرى التي نفتح مغاليقها الخمر ومعها الميسر.
فالأنصاب هي ما ذبح على النصب وهي الأوثان ، ذبحا للتقديس والتقريب والتبرك ، والأزلام هي القداح التي كانوا يستقسمون بها الذبيحة وكما في أخرى بداية المائدة (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) فإنه قتل للحيوان بصورة الميسر ، فالذي قدحه هو المعلّى يأخذ النصيب الأعلى وإلى من لا نصيب له حيث لا يصيب قدحه الهدف المرام مهما كان هو صاحب الذبيحة أو المشترك فيها فيخسرها كلها.
ف «الميسر» هنا محرم على أية حال ، والأزلام ميسر خاص فيه الذبح غير المشروع بالميسر المحرم على أية حال فهو محظور على محظور ، والأنصاب ذبح للحيوان على النصب (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) فهو أيضا محظور على محظور ، فأصل الحظر في الأنصاب والأزلام هو الميسر المشترك بينهما ، مع ما يختص كل واحد بخاصة خاصة.
وما هو دور هذه المحرمات في نهاية العهد الرسالي والمسلمون هم مسلمون طيلة سنين؟ إن لها الدور العام لكافة المكلفين على مدار الزمن ، إضافة إلى اجتثاث الجذور الجاهلية التي ترسبت في هؤلاء المسلمين من ذي قبل ، فبقيت منها بقايا وزوايا لا بد من القضاء عليها ، فلا بد من تنقية تلكم الرواسب عن بكرتها ، استئصالا لها بأسرها حتى يكون الحاكم ـ فقط ـ هو الله بشرعته النقية التقية.
هنا رأس الزاوية في هذه الزوايا الأربع الجاهلية هي : الخمر ، وهذه هي المرحلة الأخيرة في علاج مشكلتها في المنهج الإسلامي السامي ، فقد حرمت على طول الخط التشريعي مكيا ومدنيا بأنها من الإثم ، ثم أنها الرزق السيّئ كما في العهد المكي ، ثم في العهد المدني مانعة عن الصلاة ، وإن فيها إثما كبيرا ، ومن ثم (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) وإلى سائر السبعة والعشرة الكاملة.