وهنا (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) دون «إن المسيح هو الله» عبارة قاصدة لمعنى خاص هو أن الله الذي لا إله إلّا هو هو المسيح حيث تحوّل عن لاهوته إلى ناسوت المسيح فلم يبق هناك إله إلّا المسيح ، وأما «أن المسيح هو الله» ففيه قوس صعودي أنه تحول عن ناسوته إلى لاهوت الله وهم لا يقولون به ، إنما قولهم هنا هو القوس النزولي : إن الله تحول إلى المسيح!.
وهنا في تعريف المسيح ب «ابن مريم» تنديد شديد بهذه القولة الهاتكة الفاتكة أن كيف بالإمكان كون الله هو المسيح وهو كما يعلمون ابن مريم ، فهل إن مريم هي أم الله في تحويله إلى المسيح فلا إله ـ إذا ـ إلّا المسيح!.
وما تأويلهم العليل الكليل أن المسيح هو الله من جزء الروح وهو ابن مريم من جزء الجسم ، إلّا تناقضا بينا في حلول المجرد اللّامحدود في الجسم المحدود.
__________________
ـ ذلك وقد سمى من ألّهه من المجانين «.... فلما عرفوه أخذوا يصرخون : مرحبا بك يا إلهنا! وأخذوا يسجدون له كما يسجدون لله. فتنفس الصعداء وقال : انصرفوا عني أيها المجانين لأني أخشى ان تفتح الأرض فاها وتبتلعني وإياكم لكلامكم الممقوت. لذلك ارتاع الشعب وطفقوا يبكون» (برنابا ٩٢ : ١٩ ـ ٢٠) ويشهد على عبوديته الأرض والسماء قائلا : «اشهد امام السماء واشهد كل شيء على الأرض : اني بريء من كل ما قد قلتم. لأني انسان مولود من امرأة فانية بشرية وعرضة لحكم الله مكابد شقاء الأكل والمنام وشقاء البرد والحر كسائر البشر لذلك متى جاء الله ليدين يكون كلامي كحسام يخترق كل من يؤمن بأني أعظم من انسان» (برنابا ٩٣ : ١٠ ـ ١١ و ٩٤ : ١ ـ ٣).
ويعتبر من يدعوه إلها ضالا مستحقا للمقت قائلا : «إنكم قد ضللتم ضلالا عظيما أيها الاسرائيليون لأنكم دعوتموني إلهكم وأنا انسان واني أخشى لهذا ان ينزل الله بالمدينة المقدسة وباء شديدا مسلّما إياها لاستعباد الغرباء. لعن الله الشيطان الذي اغراكم بهذا الف لعنة! (برنابا ٩٢ : ٢ ـ ٤).