فكما أن القانون الصالح دون من يطبّقه صالحا هو غير صالح ، والقانون غير الصالح مع يطبقه من الصالحين غير صالح ، فلا بدّ لإصلاح المجتمع من صالح القانون وصالح من يطبقه ويحكم به.
كذلك القرآن حيث يحمل الشرعة الأخيرة الخالدة لا يصلح شرعة أبدية لو لا الرسول (ص) ومن يحذو محذاه وينحو منحاه بعده دعوة به وتطبيقا له.
فدور الرسول (ص) زمن حياته هو دور الوحي قرآنيا وبسنته كأصل وضابطة ، وأما التفسير الصالح المعصوم لذلك القانون المعصوم ، بيانا لكل ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ، فهو بحاجة إلى دور الخلافة المعصومة طوال قرونها الظاهرة حتى تنضم كامل التبصرة إلى كمال القانون ، ومن ثم ـ في زمن الغيبة ـ فالنواب العامون من الرعيل الأعلى من ربانيّ الأمة في شوراتهم الصالحة ، هم مدراء الشرعة الذين يحق لهم أن يحكموا بالكتاب والسنة ، ثم وفي دولة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه يرجع دور الحكم إلى مدار العصمة كما كانت زمن الرسول (ص) والأحد عشر الأئمة قبله عليهم السلام.
وهذه الأدوار المتتالية التي رسمها يوم الغدير ببلاغ (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) هي التي تكمّل الدين وتتم النعمة حيث (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً). وهي التي تؤيس الذين كفروا من نقض أو انتقاص ذلك الدين المتين.
فلا يعني يوم الغدير ـ فقط ـ يو تأمير الأمير (ع) فإنما هو كنقطة بداية وانطلاق لتثبيت الاستمرارية الرسولية والرسالية فيمن يحملها وما يحملها من القرآن المعصوم والقوّاد المعصومين عليهم السلام.
فحقا يقال دونما مجازفة أو مبالغة (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)