البقرة ، إذ الإنتاج في مختلف الحقول الحيوية المعيشية ولا سيما في حقل الإيلاد ، هو في الذكور ـ لأقل تقدير ـ ضعف الإناث.
والقصاص على ذلك الأساس فوق ما يحمله من إعلان ميلاد الإنسان هو العقاب الرادع عن الجريمة ، فمن تهوى نفسه في الإقدام على جريمة يعلم في الحقل الرباني أنه مأخوذ
به كما هو دون نظر إلى مركزه أو جنسه أو طبقته.
ذلك القصاص العدل هو القضاء المستروح للفطر والضمائر ، ذاهبة بحزازات النفوس وجراحات القلوب ، مسكّنة فورات الثأر الجامحة التي يقودها الغضب الأعمى ، مما لا بديل عنه من سجن وما أشبه ، إلّا أن ترضى نفس بالدية فلا بديل إلّا هيه (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ).
وهنا التصدق مرحلي ، أن يتصدق بقصاص الجريمة إلى الدية ، ثم بالدية إلى بعضها ، ومن ثم إلى طليق التصدق ، ولا مجال للتصدق إلّا مجالاتها المناسبة التي تقتضيه ، وأما المجرم الذي يحمله السماح على الإجرام أم لا يتوب به ، فالسماح عنه إجرام ، إذ ليس التصدق بالقصاص في شرعة الله إلا تأديبا أديبا للمجرم ، فحين لا يؤدب به فليأدب بنفس القصاص.
فمثلث الحكم : القصاص ، والتصدق عنه إلى الدية ، أم العفو ، هو مما أنزل الله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) كذلك الحكم (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
ذلك ، وهل إن القصاص بالمماثل يختص بصورة العمد ، أم وسواه؟ آية البقرة تختص المماثل بالعمد : (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ..) إذا ف (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) في صورة العمد تعني أصل النفس وفي الخطأ ديتها ، وفي الأعضاء قيمها حسب المقرر في السنة ، وفي الجروح تكاليف برءها.
ثم ترى (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) تعنى كفارة المتصدق ـ فقط ـ وهو صاحب الحق ، أم والذي عليه الحق؟ المحور الأساس هو صاحب الحق