حتى أكمل له ولكم فيما أنزل من كتابه دينه الذي رضي لنفسه ، وأنهى إليكم على لسانه محابّه من الأعمال ومكارهه ، ونواهيه وأوامره ، وألقى إليكم المعذرة ، واتخذ عليكم الحجة ، وقدم إليكم بالوعيد وأنذركم بين يدي عذاب شديد (١) ..
«فإنما حكم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن ، ويميتا ما أمات القرآن ، وإحياءه الاجتماع عليه ، وإماتته الإفتراق عنه ، فإن جرنا القرآن إليهم اتبعناهم ، وإن جرهم إلينا اتبعونا» (٢).
«وكتاب الله تبصرون به ، وتنطقون به ، وتسمعون به ، وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف في الله ، ولا يخالف بصاحبه عن الله» (٣).
«وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه ... فقد نبذ الكتاب حملته ، وتناساه حفظته ، فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان ، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد ، لا يؤويهما مؤو ، فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم ، ومعهم وليسا معهم ، لأن الضلالة لا توافق الهدي وإن اجتمعا ، فاجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن الجماعة كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه ، ولا يعرفون إلا خطه وزبره» (٤).
ذلك ومن عجيب الوفق بين عديد الرسل بمختلف صيغ الرسالة والنذارة
__________________
(١) الخطبة : ٨٤ / ١٥١.
(٢) الخطبة : ١٢٥ / ٢٣٧.
(٣) الخطبة : ١٣١ / ٢٤٥.
(٤) الخطبة : ١٤٥ / ٢٥٨.