فتقوى الله في ذلك المثلث ، تقوى بها كرامة الإيمان في حقله وأهله ، ولكنها أمام كرور العراقيل بحاجة إلى «الوسيلة» الصالحة ، الوصيلة إلى الله والتعبير هنا ب «الوسيلة» دون «الوصيلة» اعتبارا بأن «الوسيلة» هي التوصّل إلى الشيء برغبة ، وهي هنا الرغبة الإيمانية ، وأما الوصيلة فهي طليقة غير مختصة برغبة ، إذا فما بين الوسيلة والوصيلة عموم من وجه ، ثم لا وصيلة عندنا توصّلنا بصورة محتومة إلّا أن يشاء الله ، فلذلك نرى النتيجة (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
إذا (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ) في تقواه الصالحة «الوسيلة» الصالحة ، ولا فحسب الوسيلة الاتكالية ، بل والأصل في هذه السبيل الشائكة المليئة بالأشلاء والدماء ، هو الجهاد بكل الطاقات والإمكانيات الذاتية : (وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) فإذا حقّقتم مثلث التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله ، فقد حق لكم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) شقّا لأمواج الفتن بسفن النجاة.
وهنا «الوسيلة» معرفة دون «وسيلة» منكرة ، لامحة لكون الوسيلة وسيلة معروفة في أهل الله وفي سبيل الله ، دون أية وسيلة معروفة أو منكرة قضية أن الغاية تبرر الوسيلة ، فكما أن سبيل الله خالصة صالحة كما سنها الله ، كذلك الوسيلة إليه لا بد أن تكون مسنونة ربانية صالحة ، ومن وسيلة رسولية هي الرسول (ص) وأهلوه المعصومون (١) وأخرى رسالية هي القرآن
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٢٦ في عيون الأخبار في باب ما جاء من الأخبار المجموعة وبإسناده قال قال رسول الله (ص): الأئمة من ولد الحسين عليهم السلام من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله ، وفي ملحقات أحقاق الحق ١٤ : ٥٧٨ ـ أخرج الحسكاني في شواهد التنزيل ج ١ : ٣٤٢ أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد أخبرنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد قال حدثني أحمد بن عمار الحماني عن علي بن مسهر عن علي بن بذيمة عن عكرمة في قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ...) قال : هم النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.