وإنها لا تناسج إلّا نسج البيئة البدائية الأولى لبني آدم الأوّل الأوّلين ـ إذ لم يروا قتيلا حتى يعرفوا مواراته.
ثم و (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ..) لا تحمل حكم القتل في أصله حتى تحرم عنه قبل التورات سائر الشرائع السابقة عليها ، بل هي قول فصل في أولى شرعة تفصيلية مترامية الأطراف ، تبين المسؤولية الكبرى أمام الأنفس ، ومدى الأهمية الجماعية في قتل نفس أو إحياءها ، ضابطة صارمة في الشرعة التوراتية المحلّقة على ما شرع قبلها ، كاملة كافلة لصيانة النفوس المحترمة المحرّمة عن سخاء الضياع بأيدي قتلتها الضياع ..
ذلك مهما ذكر حكم القتل فيما بعدها كأصل (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...) ولكنها ليست كتابة منحصرة تحسرها عما قبل التورات من كتاب.
ثم و «بالحق» هنا لها دور المطاردة للمختلقات الزور المختلّفات عن الحق الواقع ، من مختلقات الروايات والإسرائيليات التوراتية وسواها كما وفي نص التورات إفراط وتفريط في عرض القصة ، بعيدين عن وجه الحق وواجهته (١).
__________________
(١) في الإصحاح الربع من سفر التكوين يقول : «١ وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب ٢ ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض ٣ وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب ٤ وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ٥ ولكن إلى قايين وقربان لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه ٦ فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك ٧ إن أحسنت أفلا رفع. وإن لم تحسن فعند الباب خطيئة رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها ٨ وكلم قايين هابيل أخاه وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله ٩ فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم أحارس أنا لأخي ١٠ فقال ماذا فعلت. صوت دم أخيك صارخ إليّ من الأرض ١١ فالآن ـ