ذلك ، وهو «مع كل شيء لا بمقارنة ، وغير كل شيء لا بمزايلة» (الخطبة ١ / ٢٥) «سبق في العلو فلا شيء أعلى منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه ، فلا استعلاءه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم في المكان به» (٤٩ / ١٠٦) «لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن» (٣ / ١٢٠). فهو «البائن لا بتراخي مسافة .. بان الأشياء بالقهر لها والقدرة عليها ، وبانت الأشياء منه بالخضوع له والرجوع إليه» (١٥٠ / ٢٦٧).
«لم يقرب من الأشياء بالتصاق ولم يبعد عنهم بافتراق» (١٦١ / ٢٨٩).
«قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين» (١٧٧ / ٣٢٠).
«ليس في الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج» (١٨٤ / ٣٤٣).
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١٨).
إنه لم يكتف اليهود بالبنوّة العزيرية ولا النصارى بالبنوّة اليسوعية ، فقد تخطوا هذه الهرطقة الحمقاء إلى بنوتهم أنفسهم لله بأي تأويل عليل وتحليل كليل (١) فادعاء اليهود أنهم شعب الله المختار وأخصائه وأولياءه هي ادعاء لبنوّتهم تشريفا من الله ، كما ادعاء النصارى أن المسيح افتداهم من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلهم ، هي ادعاء لتشريف فوق الأول حيث قدم ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٩٩ عن ابن عباس قال أتى رسول الله (ص) ابن أبي وبحري بن عمر ووشاس بن عدي فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ونحن أبناء الله وأحباءه كقول النصارى فأنزل الله فيهم (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى ...).