أم وصوله إليه حيطة معرفية عليه ، إلّا تغلبا عليه (١).
والصوفية العارمة قد تدعي قوس الصعود صعودا إلى درجة المعبود أو تحولا إليه ، فناء فيه فبقاء به ، وأخرى قوس النزول أن الله تنزل من لاهوت الألوهية فتجسد كعبد من عبيده كما زعموه في المسيح : أن الله هو المسيح ابن مريم ، كالذي اتخذ إلهه هواه ، اعتبارا لهواه أنه الله ، تنزيلا للإله إلى هواه فعبودية لها كما يعبد الله.
ذلك ، وكل إشراك بالله هو تنزيل لله إلى كيان ما سواه ، أو ترفيع لما سواه إلى درجة الإله ، توحيدا بين الخالق والمخلوق ، ومن ذلك خرافة وحدة حقيقة الوجود مهما تظاهرت بمظهر الفلسفة الإسلامية ، حيث العقلية الإسلامية ونصوص الكتاب والسنة منها براء ، فإنه خرافة في عراء.
والنصوص الإسلامية كلمة واحدة في توحيد الله ومباينته خلقه في كافة الشؤون الواقعية ذاتية وصفاتية وأفعالية ، فلا تجلّي ولا تخلّي ولا تحلّي ولا وكالة ولا نيابة ولا خلافة ولا ما أشبه في هذا البين ، اللهم إلّا عبودية من قممها الرسالة والنبوة والإمامة.
ولا نعني من وجود ربنا معنى نفهمه كما نفهم من وجودنا ، وإنما هو أنه ليس بمعدوم ، وهو أعم من المفهوم وغير المفهوم ، فنحن نعلم أن الله ليس بمعدوم ولا بموجود كوجوداتنا ، فإنه خارج عن الحدين حدّ الإبطال وحد التشبيه ، وأما ما هو ذاته وإنيته فالعقول تائهة حائرة في معرفته.
وليس الحوار هنا لغويا حتى يستند إلى اشتراك لغة الوجود معنويا بين الله وخلقه ، بل هو بحث عقلي في حقه وحاقّه ، ولا يقبل العقل أية وحدة بين
__________________
(١) راجع كتابنا «حوار بين الإلهيين والماديين» ص ٣٨٣ ـ ٣٩٩ وكتابنا «عقائدنا» ص ١٢٧ ـ ١٤٥.