ويكشف عن حقيقة أهل الكتاب في رفضهم للكتاب ، وجعلهم إياه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا منها ، وليبطل كيدهم وميدهم في الصف الإسلامي السامي ، إحباطا لمؤامراتهم ومناوراتهم المبيّتة ، التي يلبسونها ثوب التمسك بشرعتهم وهم في الحق أول ناقض لها وناقض إياها نقضا لما عاهدوا الله عليه!.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) ٨
لقد أسلفنا في آية النساء (١٣٥) بحثا فصلا حول (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) فلا نعيد اللهم إلّا في تلحيقة الآية (لا يَجْرِمَنَّكُمْ ...).
إن الشهادة بالقسط قوامية لله طليقة تحلّق على كافة حقولها دون أن تصد عنها (شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) في شهادة بالقسط وسواها ، كما أن القوامية بالقسط شهادة لله ـ هناك ـ ليست لتصد عنها أنها (عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) فهنا الصاد (شَنَآنُ قَوْمٍ) وهناك إتباع الهوى ، ولكلّ حسب ظرفه وقضيته قيود في الآيتين وكما عكس (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) هنا ب (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) بنفس القضية ، فاتباع الهوى يهوي بالإنسان إلى ترك الشهادة بالحق ، أم إلى الشهادة بغير الحق رعاية لقرابة وما أشبه ف (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ..) فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ..».
ثم (شَنَآنُ قَوْمٍ) يبعث على النقمة من قوم عدوّ لكم أو أنتم عدو لهم حيث الإضافة تتحمل كونها إضافة إلى فاعل أو مفعول ، ف (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ..).
ولقد كانت هذه العدالة بالنسبة لمن ظلم قمة في ضبط النفس والسماحة يرفعهم الله إليها بالمنهج المتميز التربوي الإسلامي.