أجل هنا فرق بين طهارتهم وطهارة المسلمين من حيث ظاهر الحكم ، ككتابي تنجس ثم غاب ثم حضر فإنه محكوم بحالته الأولى وإن ادعى التطهير ، ولكن المسلم إن ادعى التطهير يصدق ، وإن لم يدع ولكنه غاب قدر أداء فريضة ثم حضر يحكم بطهارته فيما يشترط في صلاته قضية واجب الطهارة في فريضة ، دونما حاجة إلى دعواه ، اللهم إذا تأكدنا من بقاء نجاسته أم هو متهم في دعواه ، أم لا يدعي ولكنه معذور في حمل النجاسة في فرضه.
فالكتابي الذي نعلم بطهارته طاهر واقعيا ، والذي نشك في طهارته وله حالة سابقة من طهارة ونجاسة يحكم بها ، وفي الشك البدوي أو تعارض استصحابي الطهارة والنجاسة محكوم بالطهارة الظاهرية.
ذلك ، فكيف يحكم بنجاسة أهل الكتاب ـ الذاتية ـ ونص الكتاب
__________________
ـ ولا يتوضأ» (الوسائل ١٤ : ح ٣) وموثقة سعيد الأعرج أنه سئل أبا عبد الله (ع) عن سؤر اليهودي والنصراني أيؤكل أو يشرب؟ قالا : «لا» (الوسائل أبواب الإسناد ب ٣ ح ١).
أقول : إنما «لا» هنا و «يغسل يده» هناك لعدم تجنّبهم عن النجاسات ، وقد علل الاجتناب عن أوانيهم في أحاديث عدة بأنهم يشربون فيها الخمر ويأكلون فيها لحم الخنزير ، وقد سمح كأصل شرب سؤرهم كما
في صحيحة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو أناء غيره إذا شرب منه على أنه يهودي؟ فقال : نعم ، فقلت : من ذلك الماء الذي يشرب منه؟ قال : نعم (الوسائل ١ : ١٦٥ ح ٣).
ومما يدل على حصر واجب الاجتناب في المتنجس عندهم ما رواه محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليهما السلام عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال : «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر» (الوسائل ٣ : ١٠١٨ ح ١).
ذلك وحتى المواكلة معهم مسموحة عند عدم تأكد النجاسة أو حكمها كما روي يحيى الكاهلي قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى طعامهم فقال : «أما أنا فلا أو أكل المجوسي وأكره أن أحرم عليكم شيئا تصنعون في بلادكم» (المصدر ح ٢).