يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٤ : ١٢٣) (١) و (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦ : ٥٤) ، فكما لعمل السوء دركات كذلك للتوبة عنه درجات ولا يظلمون نقيرا.
فهنا بعد ما مضى من التهديد الشديد والتنديد المديد بالمختانين الأثماء ، وعد بعد وعيد وفتح لباب الرحمة بمصراعيها على وجوه العصاة أن يستغفروا الله بما يصلح حالهم وبالهم.
ولكي يعلم العصاة أنها ترجع بكل المخلّفات إليهم أنفسهم ، فهي لزامهم ككلّ لازمة ومتعدية ، لذلك يصرح :
(وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) ١١١.
والإثم هو كل ما يبطئ عن الصواب في نفسه الآثم أو أنفس المظلومين به ، ف (مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) سوء أو ظلم النفس (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) لا على
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢١٦ عن أبي بكر قال سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول ما من عبد أذنب فتوضأ فأحسن وضوءه م قال فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له لأن الله يقول : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً).
وفيه أخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه ن أبي الدرداء قال كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا جلس وجلسنا حوله وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه وانه قام فترك نعليه أخذت ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته فقال : انه أتاني آت من ربي فقال انه من يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ، فأردت أن أبشر اصحابي ، (قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) فقلت يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وإن زنى وأن سرق م استغفر ربه غفر الله له؟ قال : نعم ، قلت : الثانية؟ قال : نعم ، قلت : الثالثة؟ قال : نعم على رغم أنف عويمر.