أحق من الله ثم (وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ) وكأنه لا حقّ له أم هو أدنى (إِذْ يُبَيِّتُونَ ..) (١).
ترى ذلك الاستخفاء من الناس هو بالإمكان محظورا أو محبورا ، فكيف الاستخفاء من الله (وَهُوَ مَعَهُمْ)؟.
لأنه «هو معهم» فلا يعني الاستخفاء عنه إلا ترك ما يستخفونه من الناس إذ (كانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) وهذه المعية العلمية حيطة شاملة هي أحوط منهم على أنفسهم «وهو (أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) والمعية في القدرة الشاملة وهي أقدر مما لهم على أنفسهم ، هذه المعية تقتضي لمن يعرفها قضية الإيمان بالله أن يستخفي الخيانة من الله فلا يخون ، ثم لا حاجة الى الاستخفاء عن الناس إذ لا خيانة ، فهو ـ إذا ـ بريء فيما بينه وبين الله وما بينه وبين الناس.
وإن ذلك الاستخفاء من الناس دون الله صورة رزية مدعاة الى السخرية بما فيها من ضعف والتواء حيث يبيتون ما لا يرضى الله من القول استخفاء من الناس الذين لا يملكون لهم نفعا ولا ضرا ، ثم لا يخافون ويستخفون من الله الذي يملكهم ويملك كلّ شيء ، فأين يذهبون ، وبأي حديث بعد الله وآياته
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٤٨ عن تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : إن أناسا من رهط بشير الأدنين انطلقوا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقالوا نكلمه في صاحبنا ونعذره فإن صاحبنا لبريء فلما أنزل الله «يستخفون من الناس ولا يسخفون من الله» إلى قوله «وكيلا» فأقبلت رهط بشير فقالوا يا بشير استغفر الله وتب إليه من الذنوب فقال : والذي احلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ..) ثم ان بشيرا كفر ولحق بمكة وأنزل الله في النفر الذين اعذروا بشيرا وأتوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليعذروه : «وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ ـ إلى ـ (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) ونزلت في بشير وهو بمكة (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) ـ إلى ـ (مَصِيراً).