والثقافية والعقيدية والخلقية والعملية ، فردية وجماعية ، إزالة لكل بين وبون عن ذلك البين وبماذا؟ :
(بِما أَراكَ اللهُ) وتراها إراءة بصرية؟ وليس الحكم ـ فضلا عن مادته ـ مبصرا! أم إراءة عقيدية؟ وقد كان يعتقد كل ما أنزل الله عليه وينزله قبل إنزاله!.
أم عرّفك الله؟ وهذا هو الصحيح ، وهذه من الحكمة النازلة عليه مع الكتاب : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (٤ : ١١٣) فلا بد وأنها حكمة مع القرآن مهما كان القرآن نفسه أصل الحكمة لحد أصبح برهانا للرسول لا مرد له : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥٤ : ٥).
ولقد كفت (بِما أَراكَ اللهُ) برهانا ساطعا على أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما كان ليحكم إلّا بإراءة ربانية ، دون الرؤية العقلية أم رؤية الشورى أماهيه ، إنما هي عقلية الوحي الصارم لا سواه ، كما وفي عشرات من الآيات ما تعني : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) (٦ : ٥٠) (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) (٧ : ٢٠٣) (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) (١٠ : ١٥).
وليس يعني هذه الإراءة الربانية أنه سبحانه فوض إليه أمرا من التكوين أو التشريع ، اللهم إلا تفويضا في أن يحكم بما أراه الله وحيا وكما فوض الى خلفاءه المعصومين أن يحكموا بما أراهم رسول الله بوحي من الله (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٤٧ في أصول الكافي عن محمد بن سنان قال قال أبو عبد الله (عليه السّلام): لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإلى الائمة (عليهم السّلام) قال الله عز وجل (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) ـ