ولكن (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) تحليلا لما حرم على الغني يعارضه فإن محور الحل والحرمة فيهما واحد ، فهل يحل ـ إذا ـ للفقير أكل مال اليتيم إسرافا أم دونه؟.
وليس هو أكلا بالمعروف! فليكن المحور هنا لهما أجرة السعي ، محرمة على من لم يكن فقيرا ، وحلّ قدر المعروف لمن كان فقيرا.
ثم (مَنْ كانَ غَنِيًّا) تعني ـ ككل ـ من لا يحتاج إلى أجرة سعيا في أموال اليتيم ، مهما أضر بنفعه الزائد ، أو ضيق عليه معيشته ما بقيت له بلغة العيشة.
(وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أمر عقيب حظر لا يدل إلّا على الإباحة ، ثم «فليأكل» بدل «فليأخذ أجرة» دليل سماح الأكل قدر الضرورة (١) ومن ثم «بالمعروف» يحدد موقف ضروري الأكل بما عرف من
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٢٢ ـ أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله (ص) فقال ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذّر ولا متاثل مالا ومن غير أن تقي مالك بماله.
وفيه أخرج ابن حبان عن جابر أن رجلا قال يا رسول الله (ص) مم أضرب يتيمي؟ قال : مما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا متاثل منه مالا (المتاثّل بمعنى المجتمع والمتحفز والمكتسب المنمي).
وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) في الآية قال : من كان يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف فإن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج نفسه فلا يزر أن من أموالهم شيئا (الكافي ٥ : ١٢٩) وفي الكافي عنه (ع) في الآية قال (ع) ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم ، فإن كان المال قليلا فليأكل منه شيئا (المصدر).
وأما صحيح عبد الله بن سنان عنه (ع) أنه سئل وأنا حاضر عن القيم لليتامى والشراء والبيع في ما ـ