رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) ومن لطيف الجمع في هاتين الآيتين الجمع بين أطوار العبودية الثلاثة : الذكر باللسان حيث يشمله وسائر الذكر (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ) والعمل بالأركان (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) والتصديق بالجنان «ويتفكرون» إشارة إلى عبودية القلب والفكر والروح ، وهذه الثلاث تحلّق على كيان الإنسان ككل.
هنا (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) يعني لغوا دون هدف صالح وهو لعب بالخلق (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢١ : ١٦).
«سبحانك ربنا» من اللعب واللغو ، فسبحانك من عدم إقامة يوم القيامة الجزاء (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) التي هي للناكرين حقّ الخلق والمعاد ، ونحن معترفون به وعاملون له داعين إليه.
(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (١٩٢).
أترى ربنا تدخلنا النار ونحن عبيدك الطائعون لك العابدون إياك؟ وذلك خزي والمؤمن عزيز؟!.
إنه الخوف من خزي النار قبل خوف النار ، والخزي فيها إنما هو للبعيدين عن ساحة قدسه تعالى ، فإنما يهمهم أولاء الداعين قربه ورضاه إن في الجنة أو في النار ، فهم أشد حساسية في بعدهم عنه تعالى من دخول النار ، وبقرنهم
__________________
(١) المصدر اخرج جماعة عن عبد الله بن سلام قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أصحابه وهم يتفكرون فقال : لا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق ، واخرج مثله عن عمرو بن مرة وعثمان بن أبي دهرين وابن عمرو ابن عباس عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما في معناه.