الذات القدسية الإلهية مهما يطلق عليها «نفس» حيث لم تأت له سبحانه إلّا مضافة «نفسك ـ نفسي» تعنيان ذاته تعالى وتقدس ، واما النفس دون اضافة فلا تطلق عليه ابدا ، كما «هو الحي الذي لا يموت» وسائر البراهين عقلية ونقلية هي مجندة لاستحالة موته تعالى (١).
وذوق الموت يختلف عن الموت الفوت ، فانه ذوق لانفصال الروح عن البدن وهي حية في بدن آخر في البرزخ ، ولولا حياة النفس الإنسانية حين الموت لما كان لذوقها الموت من معنى فانما النفس ـ وهي الروح ـ تذوق موت البدن وموتها عن البدن انفصالا عنه دون فوت.
(وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) تحصر توفية الأجور بيوم القيامة ، فطليق الأجر يرى في الأولى بسيطا وفي البرزخ وسيطا : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) إزالة عن معرة فيها إذا (إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) (١٩ : ٦٨) (وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) بعد زحزحته عن النار ، (فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) حياة (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) حيث يزينها لأهليها الغرور كأنها أصل الحياة لحد يشترى بها الحياة الأخرى معاكسة ظالمة وقسمة ضيزى ، أم ولان الغرور لا متاع له على الحقيقة ، وإنما يراد به ان ما يستمتع به الإنسان المغرور من حطام الدنيا ظل زائل وخضاب ناضل ، زيّنه له الغرور كأنه متاع يقصد وحياة تعتمد ، وهو متاع يشرى به الحياة الآخرة لمن أبصر بها فبصرته ولم يبصر إليها فأعمته.
وقد يدل التحليق العام في ذوق الموت لكل نفس ان القتيل ميت مهما كان
__________________
(١) لنا قول فصل على ضوء نظيرة الآية في الأنبياء (٣٥) فراجع.