وأيا كان التحريم ودوره لم يكن تشريعا يخص الله تعالى ، ولا حكما ناسخا لشرعة ابراهيم إذ لم يكن إسرائيل من اولي العزم ، فانما كان تحريما شخصيا لمصلحة ملزمة كما حرم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما احلّه الله في شرعته على نفسه من زوجة قضية الفضيحة الدعائية من بعض نساءه حتى كفل الله أمره فرجع الى الحل.
وقد حرمت التوراة عقوبيا على أهلها ـ طيبات أحلت لهم : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٦ : ١٤٦) ـ (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ..) (٤ : ١٦٠) ثم نراها ان المسيح (عليه السلام) أحلها : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ ... وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ...) (٣ : ٥٠).
فالطعام الذي حرمه إسرائيل على نفسه لمصلحة شخصية وقائية ليس ليحرم على أحد فضلا عن أن تحرمه التوراة اتباعا لما حرّم (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ألا نسخ ولا جديد في حكم التوراة تحريما وسواه ، كما وترون ليس فيه تحريم ما حرم إسرائيل على نفسه اتباعا لما حرّم بل فيها حل
__________________
ـ وعنه قال : حرم على نفسه العروق ولحوم الإبل كان به عرق النساء فأكل من لحومها فبات ليلة يزقوا فحلف أن لا يأكله أبدا ، وفيه عن ابن عباس قال قالت اليهود للنبي (ص) نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل فقال الله لمحمد (ص) «قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ، وكذبوا ، ليس في التوراة وإنما لم يحرم ذلك إلّا تغليظا لمعصية بني إسرائيل بعد نزول التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين وقالت اليهود لمحمد (ص) كان موسى يهوديا على ديننا وجاءنا في التوراة تحريم الشحوم وذي الظفر والسبت فقال محمد (ص) : لم يكن موسى يهوديا وليس في التوراة إلّا الإسلام يقول الله : قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين أفيه ذلك وما جاءهم بها أنبياءهم بعد موسى فنزلت في الألواح جملة.