وصف قاعة العرش :
قال الأستاذ الصابونجي ما خلاصته : إن قاعة العرش في وسط قصر «طولمه بغجه» المشيد على ساحل البوسفور من جهة أوربا ، وهي أكبر قاعة قام بناؤها على وجه الأرض كلها ، في الطول والعرض والارتفاع. وعليها قبة عظيمة جميلة الشكل قامت على اثنين وأربعين عمودا. ومما زاد هذه القاعة حسنا وغرابة في السعة أن قبتها العظيمة مستندة إلى أعمدة ليست مركوزة في صحن القاعة بل هي مصطنعة صنعا ظريفا في لصق جدرانها ، وقد بقي الصحن كله خاليا منبسطا يسهل الجولان فيه وينشرح به الصدر. قال الأستاذ : وقد رأيت قصور ملوك فرنسا بباريس وفرسايل ، وقصور ملوك الإنكليز بقرية وندرز ومدينة لوندره ، وقصور ملوك إيطاليا بمدينة تورين ورومه ، وقصر الباباوات والواتكان برومة ، فما شاهدت قاعة بلغت من السعة وحسن هندسة البناء مثل قاعة «طولمه بغجه».
وقد وضعوا في صدر القاعة ـ على نحو خمسة أو ستة أذرع من الجدار ـ عرش أمير المؤمنين متجها نحو البحر. وهذا العرش كرسيّ مستطيل الشكل كالسرير يبلغ طوله نحو ذراعين ونصف الذراع ، وارتفاعه من أمام نحو ذراع ، وكله قطعة واحدة من الذهب الابريز المسبوك سبيكة واحدة في قالب الهندام وحسن الصنعة ، وعلى ظاهره نقوش محفورة في صلب الذهب وثخانة جدار العرش نحو ثلاث عقد ، وعلى مقعده فرش محشوّ بريش النعام وغطاؤه قماش من الحرير الأحمر المنقوش بقصب الذهب.
كان هذا العرش سابقا لمماليك مصر من عائلة الغوري ، غنمه منهم السلطان سليم لما فتح الديار المصرية سنة ٩٢٢.
مفروش تجاه هذا العرش ـ مكان موطئ قدمي السلطان ـ سجادة من الحرير المطرز بأسلاك قصب الذهب تطريزا بديع الصنعة. وفي أربع زوايا قاعة العرش أربعة شمعدانات (منارات) من الفضة الخالصة يبلغ ارتفاع كل منها ثمانية أذرع. وله قاعدة مسدسة الجهات تبلغ ثخانتها نحو شبر ومحيطها نحو ستة أذرع ، وعلى رأس كل شمعدان عشرون مشعلا لإيقاد نور الغاز الهيدروجيني ، وعلى كل مشعل قبع من البلور المنقوش ليمنع نفوذ الغاز من المشعل بعد انطفائه. ويوجد كذلك في كل زاوية من أربع زوايا القاعة شمعدان من البلور النقي في شكل ثريا جمعت بين حسن الصنعة وجمال الهيئة.