إلى حلب زرع حاسين وفافين وملعون من يزرع على ماء الساجور زرعا.
قلت : قرية حاسين وفافين في شمالي حلب على بعد نصف مرحلة منها ، ونهر قويق يجري من فافين ، وقسم منه يجري إلى حاسين بواسطة قود طاحون فيها.
ومكتوبا على عضادة أخرى في الجامع الكبير ما صورته : لما كان بتاريخ سبعة وعشرين جمادى الآخرة سنة ٩٠٢ ورد المرسوم العالي المولوي المخدومي كافل المملكة الحلبية المحروسة الملك الناصر بإبطال ما كان يؤخذ من وقف نهر الساجور الواصل إلى حلب ، وملعون ابن ملعون من يأخذ على جباية الوقف المذكور بارة الفرد ، ويجدد هذه المظلمة أو يعين على إعادتها أو يأمر بإعادتها. انتهى.
قلت : ولم يزل الساجور منقطعا عن حلب إلى سنة ١٠٤٠ فاجتهد هذه السنة بجرّه مرة ثانية رجل من أغنياء الحلبيين يقال له نعسان آغا ووقفت عليه وقفا جيدا من خانات ودكاكين وأفران ودور وغير ذلك مما يقوم بوظيفة عمله إذا توهن ، فقال بعضهم يمدحه :
لما أتى حلب الساجور قلت له : |
|
كيف اهتديت وما ساقتك أعوان؟ |
فقال : كانوا نياما عن مساعدتي |
|
حتى تيقّظ طرفا وهو نعسان |
ولم يزل يجري الساجور إلى حلب حتى امتدت إلى أوقافه أيدي المتغلبين وأخذت جسوره بالخراب شيئا فشيئا حتى تعطلت عن آخرها ، وذلك في حدود سنة ١١٣٥ وبقي مقطوعا إلى سنة ١١٥٠ وفيها اهتمت الحكومة بإعادته فجمعت مالا عظيما من الحلبيين وصرفته على تصليح مجراه القديم فعاد يجري إلى نهر قويق مقدار ربعه في الزمن السابق ولم يلبث غير سنيّات حتى تعطلت مجاريه وانقطع بالكلية كأن لم يكن.
وفي سنة ١٢٨٧ قل الماء في حلب. ويبست المشاجر فاهتمت الحكومة بجر الساجور إلى حلب وجمعت من الناس نحو مائتي ألف وأحد عشر ألف قرش ، وعملت له مجرى غير مجراه القديم حتى استقام العمل على زعم بعض المهندسين. وفي يوم جرّه إلى قويق خرج الناس إلى الملتقى بالطبول والزمور ووقفوا هناك ينتظرون مجيء الماء إلى أن حان المساء فجاءهم مخبر يقول لهم إن العمل لم يكمل بعد فرجعوا بالخيبة. ثم شاع أن نهر الساجور