قلت ولفظة «بل» في اللغة التركية تطلق أيضا على الخصر وعلى ما انصرم بين ارتفاعين فلا تبعد أن تكون لفظة بيلان تثنية هذه اللفظة باعتبار هذا المعنى وذلك لأنها واقعة في منصرم بين جبلين عظيمين. على أنها وإن كانت سميت بهذا الاسم منذ مائة سنة أو أكثر إلا أنها استمرت تسمى في الصكوك الشرعية والدفاتر الخاقانية باسمها القديم وهو دربند جبل بغراس إلى حين تشكل الولاية ومن ذلك الوقت صارت تكتب في الصكوك والدفتر المذكور بيلان.
وفي كتاب رحلة قورش اليوناني لمؤلفه كزانفون أحد تلامذة سقراط الحكيم أن قورش الصغير ابن دارا ملك الفرس رحل من إيسوس إلى أبواب سوريا أي ثغور سوريا ويسميها اليونان (بيلاسيريا). اه. فلعل لفظة بيلان مأخوذة من هذه اللفظة. وقرأت في تاريخ كبير ألف باللغة الأرمنية أن بيلان يلفظها الأتراك هكذا (بيل ان) يلفظون الألف (١) والنون كافا مخرجا من أعلى الأنف يسمونها كافا صاغرة ويكتبونها بالعربي ك هكذا.
أما أعشار محاصيل جوارها فبقيت مسموحا عنها حتى دخل هذه البلاد إبراهيم باشا المصري وامتد حكمه إلى مضيق البحيرة وحينئذ اعتبرها أرضا خراجية ووضع على كل فدان مقدارا معلوما من القمح والشعير يؤخذ في كل سنة أخصبت الزروع أم أجدبت. ولما رجعت إلى الدولة العثمانية سامحتها من العشر رعاية لما اشترطه السلطان سليمان إلا أنها بعد مدة وجيزة أبطلت هذه المسامحة واعتبرتها كبقية البلاد.
الطريق الذي كان يأخذ من الاسكندرونة إلى حلب من جهة بيلان هو غير الطريق الحالي فقد كان قبل عمار بيلان يبتدئ من قرية اسمها أشقر بكلي ويمر من الموضع المعروف الآن باسم عتيق بويني أي المظهر القديم إلا أن هذا الطريق كان يقاسي فيه المسافر مشقات زائدة حينما كان يصل إلى فرضة قرية جقاللو فلذلك أمر السلطان بتركه وتحويله إلى الطريق الحالي منذ عمرت بيلان. على أن ذلك الطريق المهجور لم تزل آثاره باقية بين الغابات وحجارة أرضه التي كان مفروشا بها لم تبرح بموضعها حتى الآن وهي حجارة تستحق أن تعد من الآثار القديمة.
__________________
(١) في الأصل : «الأف» خطأ مطبعي ، صوّبناه كما ترى.