ولكنما الردّ الرجعة ليس إلّا نقضا لأثر الطلاق ، فكما الطلاق بيد من أخذ بالساق ، كذلك نقضه في العدة هو بيد من أخذ بالساق شرط إرادة الإصلاح ، فهو إذا لمصلحة الزوجين دونما استقلال للزوج باستغلال الرد لغير الإصلاح.
والرد هنا هو بصيغة أخرى إمساك في آية الطلاق (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وآية أخرى من البقرة : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ (٢٣١)) ، فأحقية البعولة بردهن في ذلك مشروطة بالإصلاح والمعروف ، واما استمرار الحالة السابقة أم إساءة إليها في الرد أم إبطالا لحق الزواج بها إلّا بمحلل ، فلا أحقية لهم فيها ، بل لا حق لهم ، حتى وان رضين ذلك الرد المسيء لغير المعروف ، فضلا عما سواه فلا حق لهم في الرجوع إليهن غصبا عليهن.
فان لم يريدوه ، ام كان القصد من ردهن الإعنات وإعادة تقييدهن في حياة محفوفة بالأشواك ، انتقاما منها ، ام قهرا عليها لتتنازل عن حقوقها ، او استكبارا واستنكافا ان ينكحهن أزواجا غيرهم ، فما هم ـ إذا ـ بأحق بردهن في ذلك ، ولهن التمتع من ردهن بأية وسيلة مشروعة ، حتى الكتمان الذي لا يفوّت حقا لبعولتهن مثل كتمان الأجنّة ، اللهم إلّا كتمانا يقصد ـ فقط ـ من وراءه عدم ردهن ، ثم لما وضعن حملهن يعلنّ لهم أنه لهم ، وليس لهم رد الوليد بحجة عدم الزواج ، وعدم ورود تهمة الزنا.