علما به وعملا (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥ : ١٨).
إذا ف (هُدىً لِلنَّاسِ) هي أولى المراحل لهدي القرآن ، حيث الناس يعم كل الناس ، ثم (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) وهي الهدى البينة ببراهينها ، انها لمن اهتدى ، وأخيرا بينات من «الفرقان» لمن اتقى ، درجات ثلاث تلو بعض ولصق بعض لمن ارتقى ذلك المرقى ، وهنا (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) مواصفات فعلية لرمضان ، وشأنية بحق الناس للقرآن فانه يحمل هذه المواصفات بعد تفصيله للناس كما في اجماله لرسول الناس.
(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)
هنا يفرع فرض الصيام على تبين زمانه وهو رمضان ، وكأن «كتب» السالفة تقدمة له ، وترى ما ذا تعني (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ)؟ أهو شهود هلاله المشروط لفرض صومه ، وليس الشهر هو القمر ، فانما هلاله إمارة بدايته وهو زهاء ثلاثين يوما ، فأين الشهر من القمر ، انما هو رمضان السابق ذكره ، وتعريف الشهر يعنيه.
ثم الشهادة هي الحضور على علم ، فشهود الشهر هو الحضور مقابل السفر ، على علم برمضان ، في أي يوم منه كان ، ففي أوّله يصدق برؤية الهلال شخصيا ام بشياع او شهادة مقبولة او مضى ثلاثين يوما من شعبان ، وإلّا فلا شهود سواء حضر ولم يعلم او علم ولم يحضر ، فصيام يوم الشك على انه من رمضان غير مأمور به ولا محبور ، اللهم إلّا بنيّة آخر شعبان فان صادف رمضان فمن رمضان والا فمن شعبان قضاء أمّا ذا حسب ما نوى(١) فصوم يوم الشك بنية رمضان باطل خلافا لأحاديث تعارض ظاهر الآية والموثقة (٢) وصومه عن
__________________
(١ ، ٢) يدل على ذلك من الاخبار موثقة سماعة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) رجل صام يوما ولا ـ